
قد يظن البعض أن الإصابة بالحصبة مجرد مرض طفولي يسبب الحمى والطفح الجلدي، لكن الأبحاث الحديثة تكشف أن الأمر أخطر بكثير. فقد أثبتت الدراسات أن فيروس الحصبة لا يكتفي بمهاجمة الجسم خلال فترة المرض، بل يمكنه مسح جزء من ذاكرة جهاز المناعة، وهو ما يُعرف علميًا بـ "فقدان المناعة المكتسبة" أو immune amnesia.
عندما يواجه جسمك أي عدوى، يقوم جهازك المناعي بإنشاء خلايا ذاكرة متخصصة تتذكر الفيروس أو البكتيريا، مما يتيح لك محاربة العدوى بشكل أسرع في المستقبل. لكن الحصبة قادرة على تدمير ما يصل إلى 40% من هذه الخلايا المناعية، ما يعني أنك قد تنسى "مناعيًا" كيف تحارب أمراضًا سبق لجسمك التعامل معها.
هذا التأثير يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بأمراض أخرى، مثل الإنفلونزا أو الالتهاب الرئوي، حتى بعد مرور أشهر أو سنوات من التعافي من الحصبة. وبحسب العلماء، فإن عملية إعادة بناء جهاز المناعة بعد الحصبة قد تستغرق من سنتين إلى ثلاث سنوات، وهي فترة طويلة يكون فيها الجسم مكشوفًا أمام التهديدات.
لماذا يُعد التطعيم ضد الحصبة أمرًا حيويًا؟
-
حماية مباشرة من الإصابة بالحصبة ومضاعفاتها.
-
حماية غير مباشرة من فقدان الذاكرة المناعية، وبالتالي من العدوى الثانوية.
-
تحقيق مناعة القطيع، مما يمنع انتشار الفيروس في المجتمع.
الحصبة ليست مجرد طفح جلدي وحمى؛ إنها فيروس ذكي وقادر على إحداث أضرار مناعية طويلة الأمد. التطعيم يظل خط الدفاع الأقوى، ليس فقط ضد المرض نفسه، بل ضد سلسلة من الأمراض التي يمكن أن تعود لتهاجمك إذا فقد جسمك ذاكرته المناعية.