
تشير أبحاث علمية حديثة إلى أن مئات البراكين النائمة على كوكب الأرض قد تُعاد إلى النشاط مجددًا نتيجة ذوبان الأنهار الجليدية بفعل التغير المناخي. هذه الظاهرة، المعروفة باسم "الارتداد الأرضي" أو Isostatic Rebound، تحدث عندما يخف الضغط الهائل الذي كانت تمارسه طبقات الجليد السميكة على القشرة الأرضية، مما يسمح بارتفاعها وتغيير التوازن الجيولوجي في المناطق البركانية.
الأنهار الجليدية، التي كانت تغطي مناطق واسعة من الأرض خلال العصور الجليدية، تمثل عاملًا ضاغطًا ومستقرًا للنشاط الجوفي. ومع ذوبانها المتسارع في القرن الحادي والعشرين، يُفتح المجال أمام الصهارة للارتفاع نحو السطح. وقد أظهرت الدراسات أن هذه العملية قد تؤدي إلى زيادة معدلات الانفجارات البركانية في أماكن مثل آيسلندا، ألاسكا، وحتى بعض مناطق القطب الجنوبي.
في آيسلندا، على سبيل المثال، تم تسجيل زيادة في النشاط البركاني بعد فترات من الذوبان الجليدي السريع، مما يشير إلى وجود صلة مباشرة بين المناخ والبراكين. ويُحذر العلماء من أن هذا الارتباط قد يكون عالميًا، حيث يوجد عدد كبير من البراكين النائمة تحت أو قرب المناطق الجليدية.
بالإضافة إلى المخاطر المباشرة للانفجارات، مثل تدفقات الحمم والانهيارات الأرضية، فإن النشاط البركاني المتزايد يمكن أن يؤثر على المناخ نفسه عبر إطلاق كميات ضخمة من الرماد والغازات مثل ثاني أكسيد الكبريت، مما قد يخلق حلقات من التأثيرات المناخية المتبادلة.
التحدي يكمن في أن تغير المناخ أصبح عاملاً محفزًا لزلازل وبراكين غير متوقعة، وهو ما يستلزم من الحكومات والهيئات البيئية تعزيز أنظمة المراقبة المبكرة للبراكين، خصوصًا في المناطق الجليدية التي تشهد ذوبانًا متسارعًا.
إن هذه الظاهرة تذكرنا بأن كوكب الأرض نظام مترابط بشكل مذهل، حيث يمكن أن يؤدي التغيير في عنصر واحد – مثل جليد القطبين – إلى نتائج هائلة في مناطق أخرى من العالم. الحفاظ على توازن مناخ الأرض ليس فقط مسألة بيئية، بل هو أيضًا ضرورة جيوفيزيائية لحماية المجتمعات من المخاطر الطبيعية الكامنة في باطن الأرض.